مقال مترجم م.معاذ يوسف أبوطعمة
علم الفيزياء
إنَّ الفيزياء ، والعلوم الطبيعية الأساسية الأخرى ، تعنى بشكل رئيسي بدراسة المبادئ الأساسية للظواهر الكونية المختلفة . وهذا هو المبدأ الأساسي الذي تعتمد عليه معظم العلوم الأخرى – فمثلاً الجويولوجيا تعنى بدراستها كلٌّ من علوم الفلك و الأحياء والكيمياء . أمَّا فيما يتعلق بالفيزياء فإنَّ جمال هذا العلم يكمن في بساطة النظريات والطرق المتبعة في الدراسات والموضوعات المتعلقة به عدا عن المفاهيم والمعادلات السَّلسة فيه – بالرغم من صعوبتها لدى البعض – ، والأفتراضات التي يمكن أن تتغير وتتطوَّر مع تطور الزمان مما يدل على المرونة العالية في هذا العلم .
ويمكن تقسيم دراسة الفيزياء في ستة مجالات رئيسية هي :
1- الميكانيكا الكلاسيكية :- والتي تعنى بدراسة حركة الأجسام التي تكون كبيرة في العادة والتي تتحرك بسرعات أقل بكثير من سرعة الضوء .
2- النسبية :- وهي نظرية تصف الأجسام المتحركة في أي سرعة ، حتى تلك التي تتحرك بسرعات تقترب من سرعة الضوء .
3- الديناميكا الحرارية :- والتي تتعامل مع الحرارة ، الشغل ، ودرجة الحرارة ، والإحصاءات المتعلِّقة بسلوك الانظمة التي تحتوي أعداد كبيرة من الجسيمات .
4- الكهرومغناطيسية :- وهو العلم الذي يعنى بدراسة كل من الكهرباء و المغناطيسية والعلاقة بينهما ، وكل الميادين العلمية التي يدخل فيها كلا الموضوعين .
5- البصريات :- وتُعنى بدراسة سلوك الضوء وتفاعلاته مع المواد .
6- ميكانيكا الكم ، ومجموعة من النظريات التي تربط سلوك الظاهرة غير المرئي بسلوكها الملاحظ بالمعاينة .
وفيما يخصُّ تخصصات الميكانيكا و الكهرومغناطيسية فهي الموضوعات الأساسية لسائر فروع الفيزياء الكلاسيكية ( والتي وضعت قبل عام 1900 م ) ، والفيزياء الحديثة (والتي وضعت بعد عام 1900 م – حتى الآن ) ، وأيضاً الميكانيكا الكلاسيكية ، والتي يطلق عليها أحياناً باسم الميكانيكا النيوتينية أو ببساطة الميكانيكا .
الميكانيكا الكلاسيكية هي ذات أهمية حيوية للطلاب في جميع التخصصات ، حيث أنَّها كانت ناجحة للغاية في وصف حركة الأجسام المختلفة ، مثل الكواكب ، والصواريخ ، والبيسبول ، وغير ذلك .
ولا ننسى أنَّ قوانين الحفاظ على الطاقة والزخم التي أدخلت في الميكانيك تحتفظ بأهميتها كنظريات أساسية في علم الفيزياء .
مثل جميع العلوم الأخرى ، تستند الفيزياء على الملاحظات التجريبية والكمية والقياسات المختلفة ، والهدف الرئيسي من الفيزياء هو العثور على عدد محدود من القوانين الأساسية التي تحكم الظواهر الطبيعية واستخدامها لتطوير النظريات التي تمكننا من التنبؤ بنتائج التجارب التي يمكن إجرائها في المستقبل ، وهذه القوانين الأساسية والمستخدمة في التعبير عن النظريات المختلفة ، تكون عبارة عن علاقة رياضية تشكل جسر بين التجربة والنظريات التي تصفها .
ومن هنا ، فعندما ينشأ التناقض بين النظرية والتجربة ، يجب علينا أن نكوِّنَ نظريات جديدة تعمل على إزالة التناقض وعلاجه .
فعلا سبيل المثال نذكر قوانين الحركة التي إكتشفها إسحق نيوتن ( 1642م – 1727م ) في القرن السابع عشر والتي تصف بدقة حركة الأجسام التي تتحرك بسرعات عادية ، ولكن لا يمكن لهذه النظرية أن تطبق على الأجسام المتحركة بسرعة الضوء أو بسرعة قريبة منها .
وفي المقابل ، فإنَّ النظرية النسبية الخاصة التي وضعها ألبرت أينشتاين ( 1879م – 1955م ) في أوائل القرن العشرين ، حيث أنَّها تعطي نفس النتائج التي تعطيها قوانين نيوتن في حالة تطبيقها على الأجسام التي تسير بسرعة عادية ، وعدا عن ذلك فإنَّ هذه النظرية تصف وبشكل دقيق حركة الأجسام التي تسير بسرعة تقترب من سرعة الضوء ، ومن هنا يمكننا القول بأنَّ النظرية النسبية لآينشتاين أعم من قوانين نيوتن في وصف حركة الأجسام .
وتشمل الفيزياء الكلاسيكية جميع النظريات والمفاهيم والقوانين والتجارب التي وضعت قبل عام 1900م والمتعلقة بالديناميكا الحرارية ، والميكانيكا والبصريات والكهرومغناطيسية .
ولقد قدمت نظرية نيوتن الشيء الكثير للفيزياء الكلاسيكية ، حيث ساهمت مساهمة عظيمة في تطوير الميكانيكا الكلاسيكية بوصفها نظرية منهجية ، وليس هذا فحسب وإنَّما كان إسحق نيوتن واحد من اللَّذين شاركوا في بناء علم التفاضل والتكامل الذي ساهم مساهمة رائعة في تطور مختلف العلوم .
لقد إستمرت التطورات الرئيسية في علم الميكانيكا خلال القرن الثامن عشر ، أمَّا الديناميكا الحرارية والكهرباء والمغناطيسية لم توضع حتى الجزء الأخير من القرن التاسع عشر .
ولكن سرعان ما بدأت ثورة كبرى في الفيزياء ، تدعى عادة باسم الفيزياء الحديثة حيث كان ذلك في نهاية القرن التاسع عشر تقريباً ، وقد لاقت هذه الثورة نجاحاً كبيراً لأنَّها تمكَّنت من تفسير العديد من الظواهر الفيزيائية التي عجزت عن تفسيرها الفيزياء الكلاسيكية .
ومن أهم التطورات التي تجلت في هذا العصر الحديث نظريات النسبية والكم ، والنظرية النسبية لأينشتاين ليس فقط لتمكنها من وصف حركة الأجسام التي تتحرك بسرعة مماثلة لسرعة الضوء ، ولكنها كانت أيضا ثورة في مجال الفضاء والوقت والطاقة .
وتدل نظرية آينشتاين أيضاً على أنَّ سرعة الضوء هي أقصى سرعة يمكن لأي مخلوق أن يسلكها ، وأنَّ الكتلة ترتبط بالطاقة .
لقد تمت صياغة ميكانيك الكم من عدد من العلماء الكبار لتوفير وصف للظواهر الفيزيائية على المستوى الذري ، فالعلماء كانوا وما زالوا يبذلون جهوداً كبيرةً جدَّاً على تحسين القوانين الأساسية ليجعلوها أكثر شمولاً وقدرة على تفسير الظواهر المختلفة .