– تاريخ الطَّاقة الشمسية ( The History Of Solar Energy )

إنَّ إستخدام الطَّاقة الشمسية ليس بالموضوع الحصري والجديد، ولكن عرفت البشرية إستخدام الطَّاقة الشمسية لأغراض متنوعة منذ القرن السَّابع قبل الميلاد .
لقد بدأت البشرية بإستخدام الطَّاقة الشمسية بتسخين المياه داخل الزجاج وذلك عن طريق أشعة الشمس، والآن اصبحنا نستخدم الطَّاقة الشمسية في توليد الطَّاقة الكهربائية، وحتى أنَّها أصبحت تستخدم في تقنية المركبات الهجينة .
ولكن كل هذا التطور الهائل الَّذي نشهده اليوم لإستخدام الطَّاقة الشمسية، ما كان إلَّا حصيلت جهود كبيرة تفانت البشرية في تطويرها والقيام عليها؛ ففي القرن السابع قبل الميلاد تم صنع قطعة من الزجاج قادرة على تركيز الإشعاع الشمسي مما سهل في عملية إشعال النيران، وفي القرن الثالث بعد الميلاد إستخدم كل من الرومان والأغريق المرايا لإشعال النيران في مشاعل ضوئية وذلك للأغراض الدينية، ولكن لم يتوقف الأمر على ذلك فقد تمكن العالم أرخميدس في بدايات العام 212 قبل الميلاد من إستخدام خصائص البرونز (الدروع البرونزية) في إشعال النار في سفن الإمبراطورية الرومانية والتي كانت تحاصر مدينة سيراكيوز آنذاك وذلك بتركيز الإشعاع الشمسي عليها.
وفي العام عشرين بعد الميلاد إستخدم الصينيون الطَّاقة الشمسية لاغراض دينية؛ حيث إستخدموها لإشعال النيران، وفي الفترة الممتدة من القرن الأول إلى الرابع بعد الميلاد إستغل الرومان الطَّاقة الشمسية في تامين الدفء في الحمَّامات وأماكن الإستجمام لديهم وذلك عن طريق بناء هذه الأماكن بطريقة تسمح بنفاذ ضوء الشمس إليها.
وإعترافاً من البشرية بأهمية الشمس تم في القرن السادس بعد الميلاد سن أول قانون عرف بحقوق الشمس والَّذي تم من خلاله بناء غرف تسمح لاشعة الشمس بالوصول للأفراد لانَّ ذلك يعد من حقوقهم، وفي القرن الثاني عشر تم في أمريكا الشمالية بناء بيوت بطريقة خاصة تسمح بتجميع ضوع الشمس بالشتاء.
وفي عام 1767 ميلادي كان الفضل للعالم السويسري دي سوسير هوراس Horace de Saussure في بناء أول تقنية فعلية لجمع الطَّاقة الشمسية والتي إستخدمة لاحقاً من قبل السيد جون هبرشيل Sir John Herschel في طهي الطَّعام خلال زيارته إلى جنوب إفريقيا.
وفي العام 1816 ميلادي حصل روبرت ستيرلينغ Robert Stirling على برآءة إختراع تتعلق بالمحركات الحرارية، وفي عام 1839 ميلادي تمكن العالم الفرنسي أدمون بيكريل Edmond Becquerel إكتشاف ظاهرة التأثير الحراري photovoltaic effectوذلك من خلال تجاربه على خلية التحليل الكهربائي والتي لاحظ من خلالها إزدياد كمية التيار عند تعرض الخلية للضوء.
وفي ستينيات القرن التاسع عشر إقتر عالم الرياضيات الفرنسي أغسطس موشيه August Mouchet فكرة لتشغيل المحركات الحرارية عن طريق والتي شهدت النور وأبدت إسهاماً في غيجاد كثير من التطبيقات التي دخلت فيها هذه المحركات بالعقدين التاليين.
وفي العام 1873 ميلادي، إكتشف يلوغبي سميث Willoughby Smith الظاهرة الضوئية بالسيلينيوم، وفي عام 1876 إكتشف وليام آدمز جريلز و ريتشارد إيفانز دآي William Grylls Adams and Richard Evans Day أنَّ السيلينيوم يولد الكهرباء عند تعرضه للضوء، ولكن فشلت حينها الخلايا السيلينومية بتوليد ما يكفي من الكهرباء لتشغيل المعدات الكهربائية .
وقد إستمرت مساهمات العلماء في مجال الطَّاقة الشمسية حيث إخترع العالم صموئيل إنغلي Samuel P. Langley جهاز يستخدم لقياس الضوء الساقط من أضعف النجوم إلى أشعة الشمس، وفي عام 1883 ميلادية تمكن المخترع الأمريكي تشارلز فريتز Charles Fritts ، من صناعة أول خلية مصنوعة من رقائق السيلينيوم.
وفي عام 1887 ميلادي، إكتشف هاينريش هيرتز Heinrich Hertz بعض خصائص الأشعة فوق البنفسجية، وفي عام 1891 تم إختراع أول سخَّان مياه تجاري، وفي 1904 ميلادي إكتشف اكتشف ويلهلم هالواخ Wilhelm Hallwachs أن مزيج من النحاس وأكسيد نحاسي يعطي تأثراً بالظاهرة الضوئية.
وفي عام 1905 ميلادي، نشر الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين Albert Einstein نشر ورقته على التأثير الكهروضوئي (جنبا إلى جنب مع ورقة عن نظريته النسبية)، وفي 1908 ميلادي، يضح العالم وليام جبيلي William J. Bailley أول نموذج للخلايا الحالية بتصميمها المعتمد الآن، وفي العام 1914 ميلادي لوحظ وجود طبقة الحاجز barrier layer في الأجهزة الضوئية.
وفي 1918 ميلادي، طور العالم البولندي جان كيزوشرالزكي Jan Czochralski إستخدام تقنية كريستال السيليكون في مجال الطَّاقة الشمسية، وفي 1921 ميلادي حصل آينشتأين على جائزة نوبل نتيجة لأبحاثة سالفت الذكر.
وفي العام 1932 ميلادي إكتشف العالمان أودوبرت و ستورا Audobert and Stora ظاهرة التأثير الضوئي في كبريتات الكاديوم، وفي العام 1953 ميلادي تمكن الدكتور دان تريفتش Dr. Dan Trivich من وضع طريقة رياضية لحساب كفآئة المواد المستخدمة بنآءاً على نطاق الطَّاقة band gap في كل منها.
وبعدها بعام شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تطوير أول خلية شمسية سيليكونية على يد كل من داريل شابين، كالفين فولر، وجيرالد بيرسون Daryl Chapin,Calvin Fuller, and Gerald Pearson وكانت حين إذ بكفآءة 4% ولكن سرعان ما تم تطويرها لتصل إلى 11% .
وسرعان ما تم الترويج لهذه التقنية تجارياً على مستوى واسع حيث انَّه في العام 1954 ميلادي، بدات ويسترن إلكتريك Western Electricلبيع الرخص التجارية للالسيليكون الضوئية (PV)، وكان لهذه التقنية أثر كبير في التنمية والنهضة في الولايات المتحدة خاصة بعد التأثر الكبير لقطاعات الطَّاقة فيها في الحرب العالمية الثانية.
وفي منتصف خمسينيات القرن العشرين ساهم المهندس المعماري فرانك بريدجر Frank Bridgers بتصميم أول مكتب تجاري في العالم يستخدم الطَّاقة الشمسية في تسخين المياه، وفي العام 1956 بدأت الأبحاث تجرى لإدخال تقنية الخلايا الشمسية إلى مجال الفضاء لتكون مزود للطَّاقة في الأقمار الصناعية الَّتي تدور حول الأرض.
وبعدها بعام حققت شركة هوفمان إلكترونيك Hoffman Electronics إنجازاً بصنع خلية شمسية بكفآءة 9% ، وفي العام 1958 دخلت الخلايا الشمسية مجال الفضاء فعليَّاً.
وفي عام 1959 ميلادي، عادت شركة هوفمان إلكترونيات لتحقق كفاءة 10٪ للخلايا الشمسية، وهي متاحة تجاريا في ذلك العام، وفي 1959 ميلادي، أطلق القمر الصناعي إكسبلورر السادس والذي كان يستخدم تقنية الخلايا الفوتوضوئية ( الخلايا الشمسية ) بشكل كبير.
وبعدها بعام قامت هوفمان بتطوير الكفآءة لتصل 14%، وإزدهرت خلال ذلك العام أيضاً صناعة الخلايا الشمسية من السيلينيوم والسيليكون في عدد من الشركات .
وفي 1962 ميلادي، مختبرات جرس الهاتف تطلق القمر الصناعي الأول للاتصالات ، وكان يستخدم تقنية الخلايا الشمسية، وفي العام 1963 ميلادي، بدأت شركة سارب Sharp Corporation بإنتاج خلايا السيليكون لإنتاج الكهرباء.
وفي العام 1963 ميلادي، زودت اليابان أكبر منارة في العالم آنذاك بنظام خلايا شمسية يمولها بمقدار 242 واط من القدرة، وبعدها بعام واحد أطلقت وكالة ناسا قمر صناعي مدعوم بنظام شمسي يولد 470 واط من القدرة.
وفي العام 1965 ميلادي، وضع بيتر جلاسر Peter Glaser أول تصور لمحطَّة طاقة شمسية فضائية، وفي 1966 اطلقت ناسا اول مرصد فلكي مداري ، مدعوم بنظام شمسي قادر على تزويده بكيلواوات من القدرة وكان هدفه هو توفير البيانات الفلكية، وفي 1969 ميلادي تم إختراع الفرن الشمسي في فرنسا .
وفي سبعينيات القرن العشرين، قام الدكتور إليوت بيرمان Dr. Elliot Berman، بمساعدة من شركة إكسون Exxon Corporation، بتصميم خلايا الشمسية أقل تكلفة، ليصل سعر السهم من 100 دولار للواط إلى 20 دولارا للواط، مما ساهم في تعزيز إستخدام تقنية الخلايا الشمسية على المستوى المنزلي وبداية وجود الأنظمة المتصلة مع الشبكة gridconnected.
وفي 1972 قام الفرنسيون بإستخدام كبريتيد الكاديوم بتشغيل تلفزيون يستخدم في العملية التربوية في أحد مدارس قرى النيجر، وفي العام ذاته تم تأسيس معهد تحويل الطاقة في جامعة ديلاوير University of Delawareلإجراء البحث والتطوير في الأغشية الرقيقة الضوئية (PV) و الطاقة الشمسية للأنظمة الحرارية، ليصبح أول مختبر في العالم مكرسة للبحث والتطوير.
وفي عام 1976 ميلادي، مركز أبحاث ناسا لويس NASA’s Lewis Research Center يبدأ بتركيب 83 من أنظمة الطاقة الشمسيةفي كل القارات باستثناء استراليا، حيث توفر هذه النظم مثل الطَّاقة لعدد من التطبيقات مثل تبريد اللقاحات في المراكز الصِّحيَّة، إضاءة الغرفة، وإضاءة العيادة الطبية والاتصالات وضخ المياه وطحن الحبوب، وتشغيل التلفزيون ومد الفصول الدراسية بالطَّاقة اللَّازمة.
وفي عام 1976 بدأ إستخدام السيليكون غير المتبلور في الخلايا الشمسية، وفي العام 1977 أطلقت وزارة الطَّاقة الأمريكية معهد بحوث الطَّاقة الشمسية، وفي العام نفسه وصل إنتاج القدرة الكهربائية من تقنية الخلايا الشمسية إلى 500 كيلووات.
وفي عام 1978 ميلادي، مركز أبحاث لويس ناسا NASA’s Lewis Research Center يخصص نظام من الخلايا الشمسية بقدرة 3.5 كيلووات في جنوب منطقة أريزونا Arizona حيث يستخدم هذا النظام لتوفير لضخ المياه والكهرباء السكنية في 15 منزلا حتى عام 1983.
وفي عام 1980 ميلادي، حققت شركة أركو ARCO سبقاً تجاريَّاً حيث أصبحت الشركة الأولى التي تنتج أكثر من قدرة واحد ميغاواط من الخلايا الشمسية في العام الواحد، وفي نفس العام قامت جامعة ديلاوير University of Delaware بصناعة رقائق من الخلايا الشمسية تصل قدرتها إلى 10%، حيث صنعت بإستخدام كبريتيد النحاس وكبريتيد الكادميوم .
وفي عام 1981 ميلادي، قام بول ماكريدي Paul MacCready طائرة تعمل بالخلايا الشمسية، وفي العام التالي شهدت كاليفورنيا أول محطَّة لتوليد الطَّاقة الكهربائية من الطَّاقة الشمسية بواقع واحد ميغاواط من القدرة ، ومن العام نفسه شهد العالم اول سيارة تعمل بالخلايا الشمسية في إستراليا، وأيضاً قامت وزارة الطَّاقة في الولايات المتحدة الأمريكية بنفس العام بإطلاق عدد من المشاريع في مجال الطَّاقة الشمسية مع عدد من الشركات.
وفي عام 1982 ميلادي، قامت شركة فولكس واجن Volkswagen الألمانية بإستخدام الخلايا الشمسية على أسطح المركبات لتغذية نظام الإشعال ignition system، وفي العام ذاته مركز فلوريدا للطَّاقة الشمسية The Florida Solar Energy Center وبدعم وزارة الخارجية الأمريكية يعزز إستخدام الطَّاقة الشمسية في المجلات الهندسية، وفي ذلك العام أيضاً تجاوز الإنتاج العالمي من الطَّاقة الكهربائية بإستخدام الخلايا الشمسية 9.3 ميغاوات.
وما زالت تكنولوجيا الخلايا الشمسية وإستخدامها بتطوُّر ، حيث قامت في العام التَّالي شركة أركو ARCOببناء محطَّة توليد للطَّاقة الكهربائية بقدرة 6 ميغاواط في وسط كاليفورنيا، وتم أيضاً تصميم منازل لها الإعتمادية الذَّاتية بتوليد الطَّاقة الكهربائية حيث وصلت القدرة المولَّدة في كل منها إلى 4 كيلووات وذلك في وادي نهر هدسون، وتجاوز في ذلك العام الإنتاج العالمي من الطَّاقة الكهربائية بهذه التقنية 21.3 ميغاواط مع مبيعات فاقت 250 مليون دولار.
وفي عام 1985 ميلادي، شهدت كفآءة الخلايا الشمسية تطوُّراً كبيراً حيث تمكَّنت جامعت ساوت ويلز من إنتاج خلية شمسية من السيليكون تصل كفاءتها إلى 20%، وفي عام 1986 بناء أكبر منشأة للطاقة الشمسية الحرارية 1986 في العالم، وتقع في تقاطع كرامر، كاليفورنيا، حيث يتضمن نظام الطاقة الشمسية هذا صفوف من المرايا التي تعمل على تركيز طاقة الشمس على نظام الأنابيب التي تعمل على نقل السوائل.
وفي العام 1988 ميلادي، حصل الدكتور ألفين ماركس Dr. Alvin Marks على برآءة إختراع لتطويره تقنية الخلايا الشمسية، وفي عام 1992 ميلادي طوَّرت جامعة فلوريدا كفآءة الخلايا المصنوعة من تيلوريد الكاديوم cadmium telluride لتتجاوز 15% .
وفي عام 1994 ميلادي، تم تطوير الخلية المصنوعة من gallium indium phosphide and gallium arsenide لتتجاوز كفآئتها 30%، وفي عام 1996 ميلادي الطَّائر الأكثر تطوراً في العالم والتي تعمل بالخلايا الشمسية تحلق فوق ألمانيا، ويستمر التطوير في مجال الطيران، حيث ظهرت في عام 1998 ميلادي، أول طائرة تعمل بالطَّاقة الشمسية ويتحكم بها عن بعد.
في عام 1999تستخدم أطول ناطحة سحاب في مدينة نيويورك الخلايا الشمسية، وتم تطوير خلايا شمسية تصل كفآئتها إلى 32.2% ، وبلغ إنتاج العالم من الكهرباء يتقنية الخلايا الضوئية 1000 ميغاواط في ذلك العام.
وفي عام 2000 يستمر دخول هذه التقنية وتطورها على مستوى الفضاء، حيث تم تركيب مجموعة شمسية بعدد 32500 خلية شمسية بالفضاء، وفي العام ذاته تم تطوير العاكسات Inverters – وسنتعرف على عملها لآحقاً -المستخدمة في أنظمة توليد الطَّاقة الكهربائية من الخلايا الشمسية،وبعدها بعام تم تطوير طريقة فريدة باستخدام الشرائح الثلاثية الأبعاد لتركيز ضوء الشمس على الخلايا الشمسية.
وبعد ذلك الوقت حتَّى الآن تطوَّرت الخلايا الشمسية والأنظمة المختلفة الَّتي تستخدم فيها بشكل كبير لا يكاد يحصى، حيث أنَّ التطور أصبح على مستوى الأجزاء البسيطة من الكفآءة، ولكن كان من الواجب علينا معرفة تاريخ تطور هذه التقنية وإستخدام الطَّاقة الشمسية؛ لنعلم مقدار المجهود الَّذي بذل لكي تصل إلينا هذه التكنولوجيا بصورها التي نلاحظها في مجالات كثيرة اليوم.